LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"بين يدي المرجع"
الليلة الحادية عشرة
رمز 27
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ 18 شوال المكرّم 1432 - 17 سبتمبر 2011
في ليالي شهر رمضان المبارک يتوافد العلماء والفضلاء وطلاب الحوزة العلمية ومختلف الشخصيات وعامة المؤمنين علي بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدسة.

وخلال لقائهم بسماحة السيد يدور الحديث حول المباحث العلمية والمسائل الفقهية والتاريخية والثقافية، إضافة إلي ما يتفضل به سماحته من وصايا و توجيهات.

في هذه الليلة وهي الليلة الحادية عشرة من شهر رمضان المبارک 1432 للهجرة، وبعد أن رحّب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بالعلماء والفضلاء الضيوف واستقرّ بهم المجلس بدأ الحوار العلمي والفقهي ودار البحث في مباحث مختلفة، کان منها:

سأل أحد الفضلاء قائلاً: اذا قصد احد الاشخاص السفر في شهر رمضان، وقبل الخروج من الوطن، بني علي السفر، وبما ان الصوم لا يصح للمسافر، لذا فقد افطر ثم سافر. في هذه الحالة هل يمکن ان يقال انه کان جاهلاً بالموضوع وانه معذور، وليس جهلاً بالحکم حتي لا يکون معذوراً، باعتبار انه يقال في الشبهة الحکمية الجهل بالعذر غير مقبول، ولکن في الشبهة الموضوعية فقد عمل حسب رأي المشهور من الفقهاء المتأخرين الذين تبنوا الراي القائل بان الجهل هو عذر؟

أجاب سماحته: اذا قصد الشخص السفر في شهر رمضان وقبل السفر افطر وتصور انه مسافراً ، فهل کان تصوره هذا من کون هذا الحکم موسّع ام لا؟ فاذا بني علي انه مسافر مشارف ومسافر علي نحو المجاز وتصور ان حکم المسافر يشمله ويجب عليه الافطار، ففي هذه الصورة کان جاهلاً بالحکم وليس جاهلاً بالموضوع.

 وأضاف سماحته: في هذه الحالة اذا کان مقصراً فيجب عليه دفع الکفّارة وذلک حسب القاعدة، باعتبار ان الادلة الترخصية العقلية لاتشمله، لان العقل لا يري المقصر معذوراً وبالتالي لا يکون عقابه قبيحاً، ففي ذلک لا اقل يشک الانسان، فحينئذ لا تشمله الادلة الترخيصة اللفظية.

وطرح أحد الفضلاء سؤالاً قال فيه: ان الادلة التي تري ان الجاهل معذوراً مطلقة، فهل تشمل القاصر والمقصر علي حد سواء؟

أجاب المرجع الشيرازي بقوله: حينما تعرض الادلة اللفظية الترخيصة علي العقل يراه غير مقصراً، فمثلاً يقول المولي: ان کل شخص لم يفهم کلامي فهو معذوراً، فشاهد العبد ان مولاه يتکلم ولکنه وضع يداه علي اذنيه حتي لايسمع کلامه، ثم يقول انني لم افهم کلام المولي، فهل يري العقلاء ان هذا الشخص معذوراً، ام انه في الواقع والحقيقة لم يسمع الکلام ولم يفهمه؟

وسأل آخر: اذا نذر احد الاشخاص الصوم کل يوم خميس، وان تکون صلاته تماماً مثلاً، فهل يکون السفر عليه محرم ام انه يستطيع القيام به، ويبقي صائماً وصلاته تماماً؟

أجاب سماحته: يجب في هذه المسألة فصل الصلاة عن الصوم، لان لکل واحد منهما حکماً خاصاً فمثلاً: اذا نذر احد الاشخاص علي ان يصلي صلاته تماماً حتي في سفره، ففي هذا الصورة سيکون نذره - وحسب الادلة - باطلاً وملغياً مع ان هدفه کان عدم الذهاب للسفر اصلاً لکي تکون صلاته تماماً، فعلي فرض هذه الصورة فان رجاحة السفر وعدم صحة النذر المرجوح يسبب في بطلان ولغو نذره.

ولکن نذر الصوم في السفر له دليله الخاص ويکون نذره صحيحاً ويجب الوفاء به ولذلک فان مسألة نذر الصوم في حالة السفر تکون غير مسألة نذر الصلاة فيه.

وسأل احد الفضلاء: هل يستطيع المکلف ان ينذر صيام شهر رمضان في السفر؟

أجاب دام ظله: ان هذه المسألة تشبه في عدم صحتها المسألة السابقة التي کانت تقول بنذر المکلف بالاتيان بصلاته بصورة الاتمام في السفر، وظاهر الادلة وارتکاز المتشرعة تثبت بانه لا يمکن باي حال من الاحوال الاتيان بفريضة الصيام في شهر رمضان في السفر الا اذا کان المکلف له القصد في الاقامة عشرة ايام او کونه کثير السفر، واما ان کان لا يريد الاقامة عشرة ايام او لم يکن کثير السفر فحاله کحال من لا يستطيع أن ينذر الاتيان بالصلاة في السفرتماماً ، أي لا يستطيع الصيام سواء کان صيامه واجباً او مستحباً.

وعلي ضوء هذه المسألة سأل احد الفضلاء وقال: هل يستطيع المکلف ان ينذر صيام شهر رمضان؟

أجاب سماحته: نعم، حيث يتم من خلاله التاکيد علي وجوب الصوم في شهر رمضان ولا اشکال في ذلک، ومثله مثل الشخص الذي ينذر الاتيان بصلاة الظهر والعصر، فاذا ترک الصلاة فان عقوبته تتضاعف وتکتب له عقوبتان.

وسأل أحد الضيوف بقوله: کيف يکون النذر واجب الجمع ـ مع کونه وحسب احد الاقوال الواردة ـ مکروهاً؟

اجاب سماحته: يمکن ان يجمع المکروه مع الواجب ولا توجد اي منافاة في ذلک من قبيل الصلاة في الحمام حيث ان الاتيان بها في ذلک المکان مکروهاً، بالطبع فان المشهور من الکراهية في مثل هذا مکان هو بمعني انه اقل ثواباً، ولکن قال عدد من الفقهاء ومنهم صاحب الکفاية: ليس من المعلوم أن يکون هکذا دوماً أي أقل ثواباً، بل يکون احياناً له (حزازة) فمثلاً: شخص يطلب الماء فيعطي له بکل احترام ووقار فيشربه بکل لذة، واما اذا اعطي بشکل غير لائق فان يشربه ويتلذذ به ليرفع عطشه به لکنه في الوقت نفسه ينزعج لعدم احترامه، وهکذا يکون الجمع بين الواجب والحزازة.

وسأل احد الفضلاء: هل يمکن اعطاء الطعام النجس الي من لا يعلم بنجاسته؟

أجاب سماحته: لا يمکن ذلک لان التسبيب بالنسبة الي الشخص البالغ غير جائز واما في الاطفال فلا اشکال في ذلک في حالة عدم حصول الضرر.

ثم طرح احد الفضلاء المسألة الفقهية التالية: اذا سلمنا بالرواية التي تقول بان الخمس يتعلق بالجائزة الکبيرة، نفرض ونقول بأن هناک شخص تصل اليه في کل شهر هدية بمقدار معيّن، لکن اذا تم تقديرها طوال السنة نراها تکون کبيرة المقدار، فهل يجب عليها الخمس حسب القول بالرواية التي أشرنا إليها ام لا؟

أجاب سماحته: اننا اذا قبلنا هذا المبني وسلمنا به – حيث اننا لانقبله – يمکن القول ان الملاک في ذلک هو المجموع الکلي لها، لان الرواية الواردة في الهدية الکبيرة والثمينة هي مطلقة، وهذه الهدية ـ کما في سؤالک ـ تصبح کبيرة وثمينة في مجموع السنة. اذن فان الخمس يتعلق بها في ذلک الزمان. نعم اذا کانت الهدية غير متوقعة ولم تعرف مدة استمرارها ففي هذه الحالة لا يطلق عليها «کبيرة وثمينة».

واضاف سماحته: ان سند هذه الرواية جيد ولا غبار عليه، لکن العلماء الذين يولون اهمية کبيرة للسند کالمحقق الاردبيلي وصاحب المدارک فانهم لم يتمسکوا بها.

ثم طرح احد الفضلاء السؤال التالي: لماذا تحتاج الاقارير والوصايا الي مفهوم ولايحتاجان الي العلة المنحصرة وليس لهما اطلاق الشرط وامثال ذلک؟

اجاب سماحته قائلاً: يعود السبب الي علة من علتين، هما:

1- اما بما هو ظهور فيها من قبيل الشرط وامثاله والذي فيها بما هو ظهور في عقد السلب.

2- او الاستفادة من القرائن التي لها عقد السلب. فاذا لم يتحقق اي واحد منهما فان تلک الامور لامفهوم لها.

وأردف سماحته: لقد کانت الاقارير والوصايا مورد اهتمام ورعاية باعتبار ان لهما مفهوم من جهة القرينة وليس بدليل ان الوصف له ذلک المفهوم، وان هذا الوصف له ظهور في القيدية ومعناه عدم شمولية الحکم غير المقيد بهذا الوصف.

وفي سياق هذا البحث سأل احد الفضلاء: اذا رجعت القيود في النسبة الحکمية الي الحکم فلماذا اذن لها مفهوم؟

قال سماحته: يعود ذلک إلي سبب علة الظهور، فعلي سبيل المثال اذا قال لک احد الاشخاص ارجو منک تدريس ولدي هذا فاذا تعلم منک جيداً فسأمنحک من اموالي المقدار الفلاني کهدية، وعادة مايفهم العقلاء من هذا الکلام شيئان هما: المنطوق والمفهوم، ومعناه هو اذا درس جيداً امنحه هدية واذا لم يتعلم الدرس بشکل جيد فلا تعطيه الهدية، لذا ومع کل الاشکالات الواردة فان مبني الفقهاء هو ان الجمل الشرطية التي جاءت في الآيات القرانية والروايات لها مفهوماً، الا اذا وجد دليلاً او قرينة علي خلاف ذلک، مثل الشرط المحقق للموضوع، وعندما لا يريد الفقهاء الاستفادة من المفهوم، فانهم يبينون ويوضحون علة ذلک.

ثم طرح احد الفضلاء مسألة قال فيها: ان السواح عادة ما يکونوا في السفر دائماً، فهل يطلق عليهم عنوان: کثيروا السفر؟

اجاب سماحته: ان واحدة من المسائل الخلافية هي: هل ان مسألة کسب الارباح للشخص کثير السفر شرط ام لا؟ وهل يعتبر الشخص الذي يأتي الي مسجد جمکران مثلاً من المدن الاخري في کل اسبوع، او الذي يذهب الي زيارة الامام الرضا عليه السلام کثير السفر او لا؟

يبدو ان المستنبط من الروايات عدم خصوصية الکسب وان الشخص الذي يسافر کراراً لأمر ما وعدم اقامته في مکان ما عشرة ايام متتالية انه يحسب من کثيري السفر.

بعد ذلک سأل احد الفضلاء وقال: هل يمکن للمکلف الوضوء بنية الوجوب وذلک قبل دخول وقت الصلاة؟

أجاب سماحة المرجع الشيرازي: حسب المرسولة المنقولة عن الشهيد رضوان الله تعالي عليه التي تقول (ما وقر الصلاة من اخّر الوضوء لها الي وقتها)، لذا يجب الوضوء قبل دخول الوقت، واما مشهور الفقهاء فانهم يشکلون علي ذلک باعتبارهم يقولون بدليل اخر وهو: (اذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة).

واضاف سماحته: لذا فان الفقهاء يقولون: ان الوضوء بنية التقيد والوجوب اشکال فيه وذلک باعتبار انهم قصدوا شيئاً لم يطلبه الباري عزّ وجلّ منهم، وهذا لا يدخل ضمن العبادة من قبيل شخص صام بنية الوجوب في شهر شعبان اما ناسياً او جاهلاً، واما الشخص الذي توضّأ من باب الخطأ في التطبيق او بنية القربة المطلقة فلا اشکال فيه.