LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"بين يدي المرجع"
الليلة الثامنة
رمز 24
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ 28 رمضان العظيم 1432 - 28 أغسطس 2011
في ليالي شهر رمضان المبارک يتوافد العلماء والفضلاء وطلاب الحوزة العلمية ومختلف الشخصيات وعامة المؤمنين علي بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدسة.

وخلال لقائهم بسماحة السيد يدور الحديث حول المباحث العلمية والمسائل الفقهية والتاريخية والثقافية، إضافة إلي ما يتفضل به سماحته من وصايا و توجيهات.

 

 

 

في هذه الليلة وهي الليلة الثامنة من شهر رمضان المبارک تناول الفضلاء الحضور مواضيع ومسائل عديدة في مباحثاتهم مع المرجع الديني سماحة آية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، وتبادلوا مع سماحته وجهات النظر والآراء في الکثير من المسائل والبحوث الفقهية. وإليکم جانباً منها:

طرح أحد الفضلاء سؤالاً حول مسألة تبييت نيّة المسافر؟

فأجاب سماحته قائلاً: لاشک ان مسألة تبييت النية قد ورد فيها رواية، وان بعض الفقهاء قد عمل بها، لکن الأغلب والمشهور أعرض عنها، ويعتقدون ان الملاک هو الفعلية. فعلي سبيل المثال: إذا قصد احد الاشخاص أن يسافر في صباح إحدي أيام شهر رمضان، وسافر ولم يفطر في سفره ورجع إلي وطنه قبل الظهر، فهنا يجب عليه الصوم.

فسأل آخر: اذا صام الشخص واعتقد انه في وطنه، لکنه علم وتبيّن له فيما بعد انه في سفر، فما حکم صيامه؟

قال سماحته: ان القاعدة الکلية والعامة تقول: لا جدوي ولا فائدة من أن يقوم المکلّف بفعل وعمل بخلاف المسؤولية المعهودة إليه من قبل الشارع، باعتبارکون عدم وجود المطابقة بين (المأتي به) و(المأمور به)، الا اذا وجد استثناء ما، من قبيل احد الاشخاص صام في سفره لجهله بالحکم، أو ان شخصاً صلّي تماماً في الوقت الذي يجب عليه وحکمه هو أن يصلّي قصراً، ففي هذين الموردين هناک دليل خاص علي صحتهما، واما اذا کان جاهلاً بالحکم وقام بالتقصير في صلاة التمام، فيجب عليه وحسب القاعدة اعادتها مرة اخري.

بعد ذلک سأل احد الفضلاء السؤال التالي: سافر احد الاشخاص في يوم من ايام شهر رمضان، ولم يصم ذلک اليوم، لکن کان لديه نذر ان يصوم يوماً واحداً في سفره، فهل له ان يصوم ذلک اليوم بنية نذره طبقاً لقاعدة الترتب؟

أجاب سماحته قائلاً: هذه المسألة ان کانت حسب الفرض المفروض من باب الترتب فاننا نقبل ونسلم بها، اما وکما استدل المرحوم رضا الهمداني من الروايات الواردة، فان الصوم في السفر وخصوصاً في شهر رمضان عمل مبغوض مطلقاً، وهذا ليس من باب التسالم وانما من باب الارتکاز.

وأضاف سماحته: ان شهر رمضان هو اخص مطلق من الترتب، وحتي الشخص القائل بالترتب هنا، فانه من غير المعلوم انه يقبله في هذه المسألة.

وسأل أحد الفضلاء: هل يمکن عن طريق النذر ان يصوم الشخص في سفره صياماً مستحبّاً؟

أجاب سماحته: لا إشکال في ذلک حيث ان الکثير من العلماء يقبلون هذه المسالة بل ان بعض الفقهاء يعتقدون وحسب بعض الروايات الواردة بجواز صحة صوم المسافر بدون النذر أيضاً.

وسأل آخر: هل ان الوجوب والندب لهما ماهيتان ام ماهية واحدة لها مراتب من الشدة والضعف؟

قال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: حسب الظاهر فانهما ماهيتان، ولهما مراتب من قبيل العصمة والعدالة.

وطرح أحد الفضلاء السؤال التالي: هل يمکن الوضوء بنية الطهارة بعد دخول زمان الصلاة الواجبة؟

قال سماحته: يجوز ذلک، ولکن تکون الطهارة واجبة من جهة (اذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة)، ولکن هل الشرط هو الاتيان بالطهور بنية الوجوب ؟ ام ان الشرط هو الاتيان بأي نية کانت؟ من قبيل ان شخصاً نذر الاتيان بصلاة الليل، فهل تصبح عليه واجباً وتترتب علي ذلک احکام الوجوب التي منها انه لا يجوز الصلاة من جلوس في حالة الاختيار؟ ام ان اصل صلاة الليل غير واجب، بل ان الاتيان والقيام بها هو الواجب ويبقي اصلها وجميع احکامها من المستحبات، حيث ان احد احکامها جواز الاتيان بالصلاة في حالة المشي والصلاة مستدبراً القبلة، والجلوس في حالة الاختيار.

واضاف سماحته: ان الفرق بين الاثنين هو:

1- يتعلق الوجوب احياناً بنفس ذلک الشيء، مثل صلاة الظهر.

2- وقد يتعلق الوجوب احياناً بالاتيان والقيام بذلک الشيء .

ولعل هذه النقطة هي السبب الذي جعلت اعاظم الفقهاء امثال صاحب العروة أن يذکر مسألة واحدة في مکانيين ويصدر فتوتين مختلفتين حولها. فهو في مکان يقول: اذا نذر الشخص شيئاً مستحبّاً وجب عليه التقيد والوفاء به، وفي مکان آخر يقول: ان المستحب في نفسه لا يکون واجباً، بل ان الاتيان والقيام به يکون هو الواجب. وهذه المسألة التي نحن فيها هي کذلک، حيث ان الاتيان بالطهور بعد دخول الوقت واجب، سواء توضأ الانسان بنية اداء صلاة الظهر التي وجبت عليه او بنية قراءة القرآن او بنية القربة المطلقة، ففي النتيجة ان ذلک الانسان يکون علي طهارة ويجوز له بذلک الوضوء ان يصلي صلاة الظهر والعصر.

وسأل احد الفضلاء قائلاً: هل يمکن القول بان تجديد الوضوء من الامور المستحبة، باعتبار الحديث الشريف التالي: «الوضوء علي الوضوء نور علي نور).

أجاب سماحته قائلاً: يقول الفقهاء ان المخاطب من قبل الشارع المقدس، والقرآن الکريم، والروايات الشريفة هو العرف، ولهذا السبب والدليل يقال ان الظواهر هي منجزة ومعذرة وحجة، وکذلک التبادر وصحة الحمل وعدم صحة السلب في مقابل عدم صحة الحمل وصحة السلب، حيث ان جميع تلک الامور هي حجة من هذه الجهة. ولقد قال الشارع المقدس: (من جدّد وضوءه من غير حدث جدّد الله توبته من غير استغفار)، فالمعني الذي تدل عليه هذه الرواية هي ليس الوضوء خمسين مرة خلال ساعة واحدة، حيث ان هذا الامر هو خلاف الظاهر بل الملاک هو المقدار المتعارف، فعلي سبيل المثال اذا توضأ شخص لاجل الاتيان بصلاة الليل وصلي فمن المستحب ان يتوضا وضوءاً آخر لصلاة الصبح، او انه توضأ قبل الأکل فمن المستحب الوضوء مرة اخري بعدها، سواء کان ذلک لاداء الصلاة او لغير شيء، ولاتتحمل هذه الرواية اکثر من هذا الظهور، وعند حدوث الشک في الظهور، فان الاصل هو عدم الظهور.

وسأل آخر حول مسألة من المسائل المستحدثة المرتبطة بـ(التلقيح الاصطناعي) وقال: إذا تم أخذ عينة من ماء الرجل (مني) بواسطة الحقنة من (بيضته) وزرعت في رحم الزوجة، فهل ان اخذ المني من الطريق غير الطبيعي يؤدي إلي حدوث الجنابة، ام ان هذا الامر غير وارد؟

أجاب سماحته قائلاً: إذا فهم الانسان من الادلة الاطلاق، فانه قائل بحدوث الجنابة، واما اذا شککنا فان الاصل هو عدم حدوثها.

فعقب احد الفضلاء وقال: ان سبب الجنابة هو امران: إما خروج المني بالشروط الثلاثة المعروفة أو المباشرة، والمورد الذي نحن فيه لاينطبق علي هذين الموردين؟

أجاب سماحته: يمکن القول ان کلا الامرين ليسا سبباً، وانما علائم ومعني ذلک هو: انه ومع وجود هذه العلائم فان حدوث الجنابة امر حتمي، ولکن لا يوجد فيها عقد السلب من قبيل شخص علم بحدوث الجنابة، ولکن من دون هذين الامرين، فمثلاً يري الشخص وبعد الجناية الحاصلة بسبب الانزال وبعد الانتهاء من الغسل رطوبة مشتبهة فان تلک الرطوبة تکون حکمها حکم المني شرعاً في حالة عدم الاستبراء ، لذا فان هذا الانسان وحسب هذه الفرضية جنب ويجب عليه الغسل مجدداً.

وسأل احد الفضلاء عن الهبة وقال: اذا تم تعين شرط في الهبة المعوضة المشروطة، فمثلاً اعطي 100 دينار هدية الي شخص ما بشرط ان يعطيه قبال ذلک وبعد شهر هدية بمقدار 110 ديناراً، فهل يوجد إشکال في هذه المعاملة ؟

أجاب سماحته: اذا کانت في الحقيقة هبة فلا اشکال في ذلک، واما اذا تحولت صورتها ورأي العرف بأنها معاملة قرضية او بيع، فانها حرام.

وفي تتمة البحث العلمي عن الهبة سأل أحد الفضلاء وقال: اننا غير مکلفين بالعمل بالظاهر وان ظاهر اللفظ هنا يدل علي وقوعها هدية وهبة؟

أجاب سماحته: نعم، ولکن اننا نقبل ذلک الظاهر الذي يکون طريقاً الي الواقع، وعرفاً لن يکون شيئاً آخر. ولا شک فان حجية الظاهر تکون بدليل کونها طريق الي الواقع، لهذا نقول اذا کانت الهبة في االواقع معوضة فلا اشکال فيها حتي وان کان اثرها بيع او قرض، فلدينا روايات في باب الحيل الشرعية تقول بان الله سبحانه وتعالي قد جعل العقود مختلفة، فاذا کانت ممنوعة من الطريق الشرعي فان الناس يمکنهم عن طريق آخر القيام بتلک المعاملة، من قبيل ان العلم بالثمن والمثمن في البيع شرط واما في الصلح فلايشترط ذلک. فاذا لم يعلم بالثمن والمثمن فيمکن المصالحة مع ان اثر ذلک هو نفس اثر البيع.

وسأل احد الفضلاء: هل تم جمع القرآن الکريم في زمن النبي الاکرم صلي الله عليه وآله ام في زمن الخلفاء؟

اجاب سماحته قائلاً: لقد تم جمع القرآن الکريم في زمن النبي الاعظم صلي الله عليه وآله وبأمر منه، وذل بأمر من جبرائيل مباشرة عن الله عزّ وجلّ باعتبار:

1- لقد ورد في رواياتنا، ويحتمل ان تکون موجودة في مصادر اهل العامة أيضاً، انه عندما کانت تنزل الآية، وفي اي زمان، کان جبرائيل ينزل علي الرسول صلي الله عليه وآله ويقول له ان الله يقرئک السلام ويقول لک ضع هذه الآية في السورة الفلانية، وبعد کذا آية وقبل کذا آية.

2- ان تسمية سورة الحمد باسم فاتحة الکتاب، وسورة الناس باسم خاتمة الکتاب وکذلک الروايات الواردة من الرسول الأکرم صلي الله عليه وآله حول مسألة ختم القرآن الکريم وبيان مقدار ثواب ذلک، فانها تثبت بدليل قاطع علي ان القرآن الکريم قد تم جمعه في زمن النبي صلي الله عليه وآله.

3- قال الإمام امير المؤمنين عليه السلام: «آليت بيمين ان لا ارتدي بردائي حتي أجمع القرآن)، فيؤکد لنا التاريخ والروايات بان ذلک القرآن هو الذي (معه التفسير والتاويل)، لأنه نستنبط من خلال الروايات ان جبرائيل حينما کان ينزل علي الرسول صلي الله عليه وآله ويأتي بالآيات کان يقول بعد ذلک ان هذا قرآن، ثم يأتي بکلام آخر ويقول هذا تنزيل ذلک، ثم يأتي بآخر ويقول هذا تاويل ذلک، وان الإمام امير المؤمنين عليه السلام، وحسب ما نقله العامة والشيعة، فانه کان يکتب ذلک کله، لذا فقد کان ذلک الکتاب جامع للتزيل والتاويل، وانه عليه السلام قد وضعه بين يدي الناس بعد رحيل النبي الاعظم صلي الله عليه وآله، وبما ان هؤلاء تيقنوا ان هذا لا يصب في مصالحهم فقد جحدوه ورفضوه.

وتابع سماحته قائلاً: جاء في کتاب العروة الوثقي عن عدد القراءات وأحکامها في الصلاة وقال: يجوز الاتيان بالقراءات الاخري في الصلاة، فمثلاً يجوز في سورة التوحيد قراءة(کفوا احد) بالوجوه الاربعة، ولکن هناک عدد من الفقهاء الذين اشکلوا بصورة الاحتياط او الفتوي علي غير القراءة المقروئة بالصلاة، ويرون ان (کفُواً أحد) هي المجزئية فقط.

وفي تتمة هذا البحث القرآني سأل أحد الحضور من سماحته: اشکل بعض علي الاستدلال بختم القرآن، ويقولون ان المعهود منذ القدم والي يومنا هذا ترتيب القرآن جزءاً جزءاً، وختمه بهذه الطريقة، لذلک لايوجد منافاة بين ختم القرآن مع عدم جمعه؟

أجاب سماحته: البعض يريد ان يقول ان القرآن الکريم لم يجمع إلا في زمن عثمان، في حين تم ختمه في زمن النبي صلي الله عليه وآله، يعني انه جمع من سورة الحمد إلي سورة الناس. نعم ان صاحب العروة قال في مسألة ختم القرآن کلام خالفه فيه اکثر الفقهاء، وجاء کلامه حول مورد استجار احد الاشخاص لختم القرآن انه هل يجب عليه ان يقرأه بالتسلسل من سورة الحمد الي سورة الناس ام يقرأه بشکل آخر أي ليس بالتسلسل؟ علي سبيل المثال يقرأ سورة يس ثم سورة آل عمران وبعدها سورة البقرة وهکذا حتي يختمه؟ يقول صاحب العروة لا اشکال في ذلک باعتبار انه أجير، وعليه ان يقرأ القران کله، وهو بهذه الطريقة قد قرأه وتحققت الغاية المطلوبة، ولکن الاغلب اشکلوا علي ذلک اذا ان المتبادر من الإجارة هو قراءته من الأول حتي النهاية.

وسأل احد الفضلاء: يقول بعض المراجع في بحث الربا اذا شرط المُقِرض شرطاً إضافياً فهو حرام، واما اذا شرط المقترض شرطاً فلا اشکال فيه؟

قال سماحته: ان من الامور المستحبة ان يعطي المقترض شيئاً اضافياً. فلقد کان رسول الله صلي الله عليه وآله اذا اقترض من احد واراد ارجاع القرض اليه کان يدفع له اکثر مما اقترض دون ان يقول ذلک للمقرض عند أو قبل استقراضه. ولذا فان الاشکال الذي يمکن ان يرد هو عدم التواطؤ ومعني ذلک اذا لم يعط المقترض شيئاً فان المقرض لا يبدي انزعاجه وسخطه ويقول: لماذا لم تعطني؟ ففي حالة التواطؤ يکون رباً وحراماً، ذلک لأن الربا هو نوع من المعاملة فإذا حدث فيه التواطؤ يکون رباً، حتي وان تغيّر لفظه.

ثم اشار سماحته إلي مسألة لغوية وقال: ان الربوية صحيحة بکسر الراء وليس بفتحها، لان الاصل في النسبة هو أن يستعمل مثل الصيغة المجردة والخالية من النسبة يعني کالرِّبا، ولذلک يصبح رِبوي الا بعض الموارد السماعية التي تم استثنائها، في الوقت الذي لم يکن الربا منها، مثل اُمية بالضم، ففي النسبة تقرأ أموي أي بالفتح.

بعد ذلک تطرق سماحته الي تصحيح إحدي المعاملات القرضية والمتعارفة الجديدة فقال: اذا أودعت مبلغاً قدره 100 ديناراً في إحدي البنوک او مؤسسات القرض الحسن کوديعة، حيث يستطيع ذلک البنک او المؤسسة من التصرف فيها ومنحها علي شکل قروض الي آخرين، في مقابل ذلک يمنحک البنک او تلک المؤسسة بعد ستة أشهر قرضاً مضاعفاً للمال الذي اودعته، فيقول بعض المراجع المعاصرين ان هذه المعاملة تکون من باب شرط المنفعة والربا، واما اذا لم تکن من باب شرط المنفعة بل من باب تعين المورد ومعني ذلک هو تعين الشروط للاشخاص الذين يراد ان يعطي لهم القرض – تعين من يقرض له – ففي هذه الصورة فلا اشکال فيها، فمثلاً تقول : انني اريد ان اعطي اقربائي قرضاً او يقول احد الاشخاص انني اعطي قرضاً لمن يزوّج ابني من ابنته او يقول احد الاشخاص: انني راغب في اعطاء اهل العلم قرضاً ما، لاني لا استطيع ان اعطي الجميع، او يقول احد الأساتذة سوف امنح قرضاً لأي طالب يحضر الدرس، ومع ان هذا الموارد يترتب عليها المنفعة لان النفع لايشمل الماديات فقط، ولکن نري ان ادلة الربا لاتشملها، ولکن نفس تلک الموارد اذا اصبحت شرطاً فانها تصبح حراماً.

وعقّب احد الفضلاء وقال: ان تعيين تلک الموارد لا يختلف عن شرط المنفعة خارجاً؛ لان النتيجة واحدة؟

أجاب سماحته: نعم انه من الممکن ان يکون اثره هو هذا ولکن وکما ان البيع والصلح اثرهما واحد لکنهما يختلفان حيث ان الجهل بالثمن والمثمن في البيع فيه اشکال، لکن في الصلح فلا اشکال فيه وان الحيلة الشرعية هنا ان ننقل هذه المسألة من عنوان الي عنوان آخر، لذا ه اذا تم وضع شرط المنفعة فان ذلک يکون حراماً، لکن اذا تم تحديد وتعين الموضوع فهي معاملة صحيحة ولا اشکال فيها، فما هو الاشکال في شخص يحب ان يقرض ويعيّن الاشخاص الذين يريد منحهم القرض؟

وهنا أشکل احد الفضلاء وقال: هناک فرق بين ان يقول الشخص انني اعطي السادة قرضاً وبين ان يقول ان کل شخص يحضر درسي اعطيه القرض، ففي الفرض الاول فان المنفعة غير عرفية، اما الفرض الثاني فتوجد فيه منفعة عرفية، فهل ينطبق في الواقع عليه قول: (قرض يجر منفعة)؟

أجاب سماحته: ان القول بانه (قرض يجر منفعة) يکون حرام في حالة وجود الشرط وليس من باب مورد القرض والتعين وتحديد الموضوع.

وتابع ذلک السائل وقال: اذا قال الشخص في الربا ايضاً نفس هذا الکلام اذ يقول انني اعطي قرضاً لأي شخص يعطيني مائة دينار اکثر، فان ذلک يکون من باب تعين وتحديد لمن يقرضه، وليست من باب شرط المنفعة؟

أجاب سماحته: اذا صدق عرفاً ان هذه زيادة فان هذه المعاملة تصبح ربوية وتکون بمنزلة وضع شرط للقرض ولا يفرق فيها، لذا يصدق هنا عنوان (قرض يجر منفعة) و (لا تأکلوا الربا اضعافاً مضاعفة) .

واشکل آخر وقال: ان حضور الدرس اذا حصلت منه منفعة فهو يکون کذلک، سواء کان ذلک من باب الشرط او من باب تحديد الموضوع؟

اجاب سماحته قائلاً: ان قول (کل قرض يجر منفعة) لا يشمل تلک المنافع، فمثلاً إذا أعلن احد اصحاب المعامل والمصانع بانه يعطي مقداراً من المال الي العاملين في هذا المصنع بعنوان قرض فيذهب احد الاشخاص الذين يعملون في هذا المصنع لاستلامه فهل في هذا إشکال!

فعقب السائل وقال: اذا کانت المنفعة علي نحو الشرط ففيها اشکال، وأما اذا کانت علي نحو المورد لا اشکال فيها، فهل يجب ان يصدق هذا الکلام في جميع موارد الربا؟

قال سماحته: اذا عدّ في العرف منصرفاً فاننا نقبله، ولکن عهدة الانصراف علي المدعي.

بعد ذلک طرحت مسألة اخري من المسائل کثيرة الابتلاء وهي: (اجور العمل والمنفعة)، فقال سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص: اذا لم تکن المنفعة اکثر من قيمة عملهم فلا شکال في ذلک.

علي سبيل المثال إذا اراد احد الاشخاص حل المشاکل التي يعاني منها الناس وکان لا يملک المال الکافي لکنه يعلن لهم ويقول بأنه تعالوا وضعوا اموالکم عندي وديعة کي اعطي الآخرين قروضاً ونکون شرکاء في عمل الخير هذا، فعلي مثل هذا الشخص ان يؤجر احد الاماکن وان يوظف عدد من الاشخاص وأن يدفع فواتير الکهرباء والماء والهاتف والغاز وبقية الامور الاخري فتکون مصاريفه ما يقارب العشرة ملايين، فيقوم بتقسيم هذه العشرة ملايين علي القروض الممنوحة ويقول ان کل شخص امنحه واعطيه القرض فاني آخذ منه مقداراً من المال کأجور عمل، ولا ياخذ علي ذلک اجور اضافية توجب المنفعة، ففي هذه الحالة مع انه اخذ في الواقع منفعة أو ربح علي القرض لکن الرواية (قرض يجر منفعة) منصرفة عنه.

وأشکل أحد الحضور وقال: اذا کان هناک اجور للعمل فلابد ان تکون النسبة متساوية بالنسبة الي المبالغ الزهيدة والمبالغ الکبيرة لان نسبة اجور العمل متساوية وواحدة في کلاهما وليس ان يحسب علي النسبة المئوية؟

قال سماحته: لاتسمي ذلک اجور العمل، حيث ان الملاک هو انه لا يأخذ أي منفعة له ولا يدخل درهماً في جيبه، وأن تکون هذه التکاليف التي يأخدها هي لاستمرار العمل، فما الإشکال في ذلک إذن؟ ان الظاهر والمتبادر من الربا هو ان ينتفع ويحصل علي ربح ما، وان هذا المورد ليس من مصاديقه.

وسأل احد الفضلاء: لماذا يجب علي المجنب ان يغتسل قبل اذان الصبح، بينما يجب الصوم علي المسافر الذي لم يفطر ووصل الي وطنه قبل الظهر، فهل الملاک هو قبل الفجر او قبل الزوال، وما الفرق بينهما؟

أجاب دام ظله: الفارق هو النص.